مازالت تحلم بزيارة الملك محمد السادس، هرمومو تدفع ضريبة الانقلاب على الحسن الثاني

الرباط 7-10-2009

طالبت العديد من الفعاليات المدنية والسياسية برباط الخير أو هرمومو، كما يحلو لأهالي هذه المدينة الأطلسية الصغيرة تسميتها، بتحرير الأراضي التي تسيطر عليها المؤسسة العسكرية بالمنطقة، والتي تقدر بـ 32 هكتارا بنيت
عليها المدرسة العسكرية من طرف سلطات الاحتلال الفرنسي منذ سنة 1953

شكلت سنة 1968 منعطفا حاسما في تاريخ منطقة هرمومو (إقليم صفرو)، إذ في هذه السنة سيتسلم العقيد محمد اعبابو مقاليد إدارة المدرسة العسكرية، بعدها بثلاث سنوات فقط سينفذ انقلابه المعروف ضد الملك الراحل الحسن الثاني بمشاركة 1400 ضابط طالب، لتتنامى بعدها الهواجس لدى الملك الراحل الحسن الثاني بكون هرمومو ليست إلا قلعة للانقلابيين، حيث أمر بإغلاق المدرسة العسكرية واستبدل اسم هرمومو بـ «رباط الخير»، وانطلق بعدها مسلسل الحصار والتجويع الذي طال كثيرا، رغم ولوج المغرب زمن المصالحة بانتقال السلطة للملك محمد السادس.
تقع المدرسة العسكرية التي أغلقت منذ انقلاب الصخيرات سنة 1971 في قلب المدينة على مساحة 32 هكتارا، ومازالت تخضع لرقابة مشددة من طرف عسكريين معززين بكاميرات ترصد كل التحركات الغريبة بمحيط هذه المؤسسة العسكرية، ناهيك عن سيطرة الجيش على عشرات الكيلومترات كانت مخصصة للرماية، وهو الأمر الذي مازال يثير ردود فعل ناقمة من طرف فعاليات المدينة، وكذا من طرف العديد من المنتخبين، خاصة أن بلدية رباط الخير استنفدت ما لديها من وعاء عقاري، إذ من شأن الإفراج عن العقار الذي تسيطر عليه المؤسسة العسكرية رغم تجميد نشاطها العسكري بالمنطقة، أن يمنح شحنة قوية لتنمية المدينة وتمكين هذا المركز الحضري الحديث النشأة من عقارات هو في أمس الحاجة إليها للقضاء على السكن العشوائي عبر تصميم تجزئات سكنية قد تساهم في تغيير الملامح العمرانية، وتحويل هذه المدينة إلى قبلة سياحية تضاهي إفران وإيموزار كندر، خاصة أنها تتوفر على مؤهلات سياحية مغرية تؤهلها للعب هذا الدور، إذ تقع بجبل بويبلان أعلى قمة بالأطلس المتوسط (3190 متر) الذي تظل قممه مكسوة بالثلوج إلى غاية شهر يونيو، كما تتميز بعيونها العذبة والمعدنية (عين الروح، عين الجوع، مياه عين تيبخباخين التي يشبه طعمها مياه أولماس ولا تبعد عنها إلا بـ 12 كلم). كما تعتبر هرمومو صهريج الغرب المائي. فمنابع سبو توجد بأولاد مكودو التي لا تبعد عنها إلا بـ 15 كلم، ومع ذلك مازالت العديد من دواويرها - ويا للمفارقة - تئن من وطأة العطش والانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي، والتي تسببت في وفاة كريمة تكفا في يوليوزالماضي التي تستعمل جهازا كهربائيا للتنفس الاصطناعي، حسب ابنها مصطفى شهبون.
هرمومو مازالت أيضا تئن من وطأة إجهاض مشروع سد أزغار على واد القرية، أحد روافد سبو الذي كان من شأنه أن يسقي مئات الهكتارات بإقليم صفرو، تحت ذريعة تأثيره المحتمل على صبيب سد علال الفاسي بنسبة لا تقل عن 45 في المائة، وهو ما جعل أهالي المنطقة يشعرون أن التهميش الذي تعاني منه ليس سوى ممارسات انتقامية بسبب أحداث الماضي الأليم. فـ«الهاجس الأمني لازال حاضرا بقوة -يصرح المعتقل السياسي السابق أحمد العيوني- وملف هرمومو مازال مغلقا والدليل هو إقصاؤنا من جبر الضرر الجماعي الذي استفادت منه العديد من الأقاليم». وهو الطرح نفسه الذي يؤيده العديد من شبان المنطقة الذين التقتهم «الوطن الآن»، ومنهم الشاب جمال البكاري (مجاز معطل) الذي يرى أن هرمومو مازالت تؤدي ضريبة تمرد المؤسسة العسكرية على القصر، مبديا امتعاضه من سيادة رؤية الكثيرين إلى أبنائها كانقلابيين. كما سبق للنائب البرلماني السابق أحمد السباعي عن المجموعة النيابية للحزب الإشتراكي الموحد أن طرح سؤالا كتابيا بقبة البرلمان يحتج فيه على عدم الاستجابة لمطلب فعاليات المجتمع المدني بجبر الضرر عن منطقتهم، وهو السؤال الذي أحدث رجة قوية على مستوى الدوائر العليا، حيث بعثت على الفور رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان أحمد حرزني في زيارة للمنطقة دون أن يسفر ذلك عن أي مشاريع تنموية لحدود الآن.
رباط الخير مازالت لم تلج بعد نادي المدن رغم تحولها إلى جماعة حضرية منذ سنة 1992. فمظاهر البداوة مازالت هي السائدة، كما أنها مازالت ولحدود الآن تفتقر إلى تصميم التهيئة الذي لم تفرج عنه الوكالة الحضرية منذ سنة 2005. كما تعاني من التفشي الكبير للبناء العشوائي في غياب وعاء عقاري يمكن أن يستتقطب مشاريع سكنية، ناهيك عن معاناة الساكنة نتيجة غياب الواد الحار، وهو ما يجعل أزقة المدينة تتحول الى مستنقعات للمياه الآسنة (حي البرج، سهب اليازغي، المحطة، الزيتونة، الشبار..). كما تعاني أيضا من التردي الكبير لبنياتها الطرقية، وكذا الطريق الرابطة بين هرمومو وبئر طمطم، أو معبر الموت كما يسميها السائقون، والتي تعتبر مفتاح تنمية المدينة، إذ من شأن إصلاحها أن يسهم في فك العزلة عن رباط الخير. ودون ذلك يبقى الخيار الوحيد هو التصعيد - يصرح عبد الصمد سلوان عضو المجلس الجماعي لرباط الخير - عبر خوض مختلف الأشكال الاحتجاجية، وضمنها وقفات احتجاجية أمام مقر البرلمان.


أحمد سويفي، رئيس بلدية رباط الخير: الهاجس الأمني مازال حاضرا بقوة في رباط الخير

* هل الهاجس الأمني مازال حاضرا من طرف السلطات العليا في تعاطيها مع رباط الخير ارتباطا بواقعة انقلاب الصخيرات؟
** الهاجس الأمني مازال حاضرا، والتهميش هو سيد الموقف برباط الخير. منطقتنا مازالت تتعرض للإقصاء بسبب الحدث التاريخي الذي ذكرتم، والسكان العزل مازالوا يؤدون ضريبة انقلاب عبابو ضد الملك الراحل الحسن الثاني. فحتى تسمية رباط الخير فيها إجحاف كبير من طرف السلطات العليا مقارنة مع تسميتها الأمازيغية بهرمومو.

* لكن هناك من يقول إن المجالس المنتخبة التي تعاقبت على تسيير هرمومو هي المسؤول المباشر عن واقع التهميش الذي تعانيه؟
** أتفق معك بهذا الخصوص. فمختلف المجالس المتعاقبة لم تقم بأي شيء يذكر لتنمية رباط الخير، علما بأن الجماعة كانت قروية قبل التتقسيم الجماعي لسنة 1992، وكانت تضم أيضا جماعة إغزران وتتمتع بمداخيل مهمة من الثروة الغابوية، في حين أن بلدية رباط الخير حاليا مساحتها لا تتعدى 8 كلم مربع، وميزانيتها لا تتعدى 700 مليون سنتيم يخصص ثلثاها لأجور الموظفين، ولا تتوفر على مداخيل قارة، ماعدا السوق الأسبوعي الذي لا يتعدى كراؤه السنوي 56 مليون سنتيم، ومداخيل كراء بعض المنازل والدكاكين. لكن هذا لا يعني أن المجلس الحالي سيقف مكتوف الأيدي، بل سنبذل قصارى جهودنا، كما سنطرق كافة الأبواب لتلبية حاجيات الساكنة.